منصة أبناء عدن:
– في قلب الظلام، وفي لحظة تسدل فيها الستائر على ضوء الكهرباء، تقف الليلة مدينة عدن على أعتاب العصور الوسطى، بعدما أعلنت مؤسسة كهرباء عدن انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل بدءاً من منتصف الليل، ولن تكون هناك أنوار تتلألأ في الشوارع، ولا نوافذ تبعث وهج الحياة، ستسقط عدن في قبضة العتمة الكاملة، نتيجة واقع مرير رسمت ملامحه بالإهمال والخذلان.
– الليلة وبعد ساعة فقط، سيسقط آخر حصون العصر الحديث في مدينة طالما كانت نبراساً للتقدم والرقي؛ لتعود قسراً إلى العصور الوسطى، في إعلان صريح بانهيار آخر مظاهر الحياة في مدينة كانت يوماً قلب الجنوب النابض.
– هذا الليل ليس عادياً، إنه عنوان لحكاية مؤلمة تكتب بمداد العجز والتجاهل، فمحطة الرئيس آخر ما تبقى من أمل مضاء، ستخرج عن الخدمة بسبب نفاد الوقود، وذلك بعد أن قطع حلف قبائل حضرموت إمدادات النفط الخام عنها، متسبباً في شلل تام للحياة في المدينة، وبينما يسدل الليل ستاره على المدينة، لن تسمع هناك صدى سوى همسات الناس، الذين يعيشون مأساة انطفاء الضوء في بيوتهم وقلوبهم.
– خرجت محطات الديزل والمازوت عن العمل منذ ثلاثة أشهر، والحكومة لم تحرك ساكناً لتوفير الإمدادات اللازمة لإعادة تشغيلها، حتى الشمس التي طالما أشرقت على عدن بنورها.. تخذلها اليوم؛ فمحطة الطاقة الشمسية غير قادرة على العمل دون وجود توليد رئيسي ينظم الأحمال ويوازن الضغط على الشبك، وقبلها توقفت محطة بترومسيلة والمنصورة، آخر أجزاء من ذاكرة مدينة قررت أن تستسلم للصمت والموت.
– إنه لأمر مؤلم أن تشهد مدينة كعدن كانت ذات يوم منارة للتقدم والرقي والثقافة، تسقط اليوم في هاوية الظلام، وكيف لمدينة أضاءت الشرق والغرب، أن تعود إلى زمن تضاء فيه الطرقات بالفوانيس، وتملأ المنازل بأنفاس الشموع؟، وفي انتظار الإجابة، يبقى الدعاء معلقاً في السماء..: لك الله يا عدن.
