منصة أبناء عدن:
– في مدينة تئنّ من وطأة الفوضى والبسط على المتنفسات والأحواش، وتخوض يوميًا حربها مع الحاجة والحرارة وانقطاع الكهرباء، وقف مواطن عدني بسيط أمام مصنع بردين، لا يطلب الدنيا وما فيها، ولا يسعى لمقاولة مشروع.. كل ما أراده هو خمس قطع بردين يسد بها فتحة مكيف درءاً لغضب الشمس، واسترضاءً لراحة قد تأتي، لكن المفاجأة لم تكن في السعر ولا في الجودة، إنما في الشرط المقدس: لا بيع بدون تصريح من كمال الحالمي.
– كمال الحالمي؟ نعم كمال.. الذي بات اسمه يقفز من فوهة كل إجراء، ومن فوق رأس كل مسؤول، حتى على خمس بردينات صار هو المانح والمانع، الآمر الناهي، القاضي والمفتي في مملكة البردين.
– هل وصلنا إلى هذا الحد؟ أن تعلّق رقاب البسطاء عند بوابة مصنع، لأن خمسة أحجار إسمنتية قد تهدد الأمن القومي؟ أم أن الدولة قد تقلّصت في نظرهم إلى مجرد تصريح مكتوب على ورقة ممزقة أو مكالمة هاتفية من القائد الفاسد؟
– ما حدث ليس نكتة وإن ضحكنا، وليس خبطة صحفية وإن تداوله الناس كأنّه سبق.. إنه يا سادة علامة فارقة في المشهد العبثي الذي نعيشه، علامة تقول إن المواطن لم يعد يبحث عن خدمات الدولة، بل يبحث عن الدولة ذاتها في زقاق أو عند بوابة مصنع.
– خمسة بردينات تكشف أكثر مما تخفي.. تكشف عن تحوّل المؤسسة إلى مزرعة، والمصنع إلى موقع عسكري، والمسؤول إلى زعيم قبيلة يوزّع الغنائم بتصاريح، ويمنع الشراء إلا بإذن عبور.