منصة أبناء عدن:
– غالباً ما تطوى دفاتر التعليم في زمن الحروب، ومعها تطوى آمال أجيال بأكملها في مستقبل أفضل، لكن الأخطر من ذلك هو عندما تتحول العسكرة من خيار إلى إجبار، ومن وسيلة لحماية الوطن إلى وسيلة لتجويعه وتفكيكه، وهذا ما نراه اليوم في واقع مرير تعيشه بعض المناطق الجنوبية التي بات السلاح هو السبيل الوحيد للنجاة، فأغلقوا باب المدرسة وفتحوا باب الجهل.
– لكن ماهي النتيجة في ظل غياب التعليم؟ بالطبع لا شيء سوى جيش من الجهلة يساقون نحو الموت، لا يعرفون لماذا يقاتلون ولا من أجل من، وما كان قرار وقف الرواتب وإغلاق المدارس إلا عبارة عن ورقة ضغط لإجبار آلاف الشباب على الالتحاق بالتشكيلات العسكرية في ظاهرة ابتزاز اجتماعية خطيرة.
– بين “درع الوطن” و”العمالقة” وبقية التشكيلات المسلحة، بين التحالف السعودي والإماراتي، يجد الشاب نفسه محاصراً بخيارين: إما الجوع، أو القتال، لا وجود لاختيار ثالث، ولا وجود لصوت التعليم، أو لصوت الوطن الحقيقي، ومن لا يحمل السلاح، لا يستحق الراتب.. وهكذا ببساطة يتم تفكيك المجتمع من الداخل.
– من يسهل دخول شحنات الأسلحة ويعجز عن إيصال شحنة دواء لطفل يحتضر، لا يمكن أن يكون صاحب مشروع بناء، يوزعون السلاح اليوم بسخاء، بينما الدواء والتعليم والماء والكهرباء تحجب عن الناس.
– فحين يتقاضى المجند عشرة أضعاف راتب معلم إن وجد له راتب أصلاً، فالأمر لا يتعلق بمجرد فروقات مالية، بل هو إعادة تشكيل لهرم القيم المجتمعية.
– إنه انقلاب على قيم المجتمع، وتحويل للعنف إلى فضيلة، وللجهل إلى مكافأة، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن جيلاً كاملاً سيخرج من رحم هذه الفوضى بلا تعليم، بلا طموح، بل بأسلحة على أكتافهم وعقول خاوية.