منصة أبناء عدن:
– أمام صمت طويل ثقيل، وقفت هذه الأم المكلومة رافعة صوتها في وجه العدم، تطالب بحقها في معرفة الحقيقة، الحقيقة التي حجبت عنها كما حجب عنها ابنها منذ ثلاث سنوات في ظلمات سجون أوسان العنشلي دون أي ذنب، لم يعد قلبها يحتمل هذا الانتظار الموجع، ولم تعد عيناها تقوى على البحث في وجوه الغائبين، عسى أن يطل منها وجه ابنها الذي اختطفته مليشيات العاصفة التي لا تعرف للرحمة معنى.
– وحين سمعت عن الجثث التي دفنت على عجل، عن الوجوه التي طمرت بلا هوية، عن الأجساد التي أهيل عليها التراب قبل أن يكشف عن حقيقتها، انتفض قلبها المكسور.. ربما كان ولدها بينهم، أسيراً للقبور الجماعية، دون حتى أن يمنحوا حق القبر الذي تضع عليه وردة، أو تقرأ عليه فاتحة.
– لكن لا أحد يجيب، الصمت سيد المشهد، والصوت الوحيد المسموح به هو صوت الجرافة التي تحفر قبور الحقيقة، يريدونها أن تسكت، أن تتقبل مصيرها كغيرها من الأمهات اللاتي ينتظرن أبناء لن يعودوا، لكن أي أم هذه التي تدفن ابنها مرتين؟
– في عدن لا يقتلونك مرة واحدة، يقتلونك حياً ثم يقتلونك ميتاً، والمجلس الانتقالي الذي خطف الأحياء وسرق الأموات، لا يرحم أحدا ً.. لا الأمهات الثكالى، ولا الأبناء المفقودين، ولا الجثث التي يلقى بها تحت التراب بلا اسم ولا كفن.