منصة أبناء عدن:
لا تزال حادثة مقتل المرافق الشخصي لأنيس باحارثة، المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء ورئيس الهيئة العامة للأراضي، تثير جدلًا واسعًا في الشارع العدني، ورغم إصدار الحزام الأمني بيانًا يوضح ملابسات الحادثة، إلا أن التباينات في الروايات والتغطية الإعلامية لم تساهم في تقديم صورة واضحة ومتماسكة حول ما حدث بالفعل
يجب التنويه بدايةً بأنَّنا نقف مع كافة الجهود الرامية إلى مكافحة تجار ومروجي المخدرات في عدن، ونعتبر ذلك جزءًا من مسؤوليتنا الإعلامية في الدفاع عن المدينة وأهلها.
في الوقت ذاته، نرفض أي انتهاكات أو تجاوزات من قبل التشكيلات المسلحة، ونؤكد على أهمية تحري الدقة والموضوعية في نقل الحقائق.
إضاءات حول الحادثة:
في الساعات الأولى بعد الحادثة، أفادت جهات مقربة بأن مقتل محمد جمال كان نتيجة اشتباك مسلح، إلا أن هذه الرواية سرعان ما خضعت للتعديل، لتتحول إلى أن مقتله جاء خلال عملية أمنية نفذتها قوة مكافحة المخدرات، وأن الوفاة كانت نتيجة نزيف داخلي بعد اصطدام السيارة بحاجز حديدي.
نشر الحزام الأمني مقطع فيديو لتوضيح الواقعة، وأشار البيان إلى أن قائد الفرقة تعرض لإصابة أثناء محاولة إيقاف السيارة، ومع ذلك، يُظهر التسجيل المصور أن الشخص الذي سقط أثناء تحرك السيارة قد نهض بعدها مباشرة ماشيًا، مما يثير التساؤلات حول دقة الرواية الرسمية.
نقطة أخرى، المجموعة التي كانت متواجدة تنتمي إلى القطاع الشرقي، وعلى الأغلب لم يكن هناك تواجد لمكافحة المخدرات، وإنما أُلحِق حضورها لإعطاء مبرر للعملية.
من قاد العملية هو “مالك الربيعي” قريب قائد الحزام الأمني في عدن #جلال_الربيعي، وهو نفسه من كان متورطًا بجريمة اغتيال الجندي “عبد المجيد العصفور” في مديرية دار سعد في يناير 2024م، بطريقة مشابهة إلى حد كبير، كما أنَّ الربيعي يملك سجلًا إجراميًا وتجاوزات أمنية عديدة.
الصور التي نشرها الحزام الأمني للأدلة المضبوطة في سيارة محمد جمال أعادت للأذهان ممارسات سابقة لوحدة مكافحة الإرهاب بقيادة الهارب من العدالة #يسران_المقطري.
وهنا نورد بعض الملاحظات:
– غياب حطام الزجاج في المقعدين الأماميين، مما يشكك في فرضية الاصطدام القوي كسبب للوفاة.
– وجود آثار دم على مقعد الراكب وليس على مقعد السائق، وهو ما يثير تساؤلات حول كيفية وقوع الحادثة.
– طريقة عرض الأحراز المضبوطة لا تتماشى مع الإجراءات القانونية التي تنص على حماية مسرح الجريمة من أي عبث.
وإن افترضنا صحة الرواية الأمنية، فإن إطلاق النار على مشتبه به خلال مطاردته لا يبرر قانونيًا، ويستوجب فتح تحقيق عاجل من قبل الجهات ذات الصلة، فالإجراءات القانونية لا تسمح باستخدام القوة القاتلة إلا في حالات محددة تقتضيها الضرورة القصوى.
ردود الفعل الشعبية تعكس حجم انعدام الثقة في التشكيلات المسلحة التابعة للانتقالي، حيث يرى الكثيرون أن نشر الفيديوهات المجتزأة والصور لا يقدم دليلًا قاطعًا يمكن إغلاق القضية على أساسه.
كما أنَّ هناك قرينة بين استهداف المرافق الشخصي لرئيس الهيئة العامة للأراضي وانتشار الوثائق الفاضحة لقيادة الانتقالي بنهب والاستيلاء على أراضي وأحواش شاسعة في عدن؛ ما يسلط الضوء على أنَّ ثمة تفاصيل تحتاج إلى بحث للحصول على أجوبة كافية.
عندما تكون السلطة بيد جهة واحدة مسيطرة، يصبح تطويع الوقائع وفرض الروايات بالقوة أمرًا ممكنًا. وبالتالي، فإن أي استنتاج حول هذه القضية لا يمكن أن يكون حاسمًا دون تحقيق شفاف ومستقل يكشف ملابسات الحادثة الحقيقية.